Search
Close this search box.

أصبحت التنمية المستَدامة هدفاً أساسياً  على المستوى العربيّ والعالميّ بهدف تحقيق الأمن الطاقيّ بالدرجة الأولى. ورغم أن طاقة الوقود الأحفوري ما زالت المصدر الأساسي في الوطن العربيّ، إلا أن ارتفاع أسعارها الناتج عن ارتفاع أسعار مصادرها ونضوب مصادره، دفع بعض الدول العربية إلى التفكير بمصادر الطاقة المتجددة ولاسيما الرياح التي تشكل مصدراً مهماً لإنتاج الطاقة الكهربائية، رغم بعض العوائق التي تواجه صناعة مثل هذا النوع من الطاقة.

تعريف طاقة الرياح

تُصنّف طاقة الرياح كواحدة من أنواع الطاقة الكهروميكانيكية، وتنتج من تحويل طاقة الريح الحركيّة إلى طاقة ميكانيكية أو كهربائية في محطات خاصة تتفاوت مساحاتها.

هل طاقة الريح طاقة متجددة نظيفة؟

بخلاف مصادر الطاقة التقليدية، تتسم الرياح بالوفرة والاستدامة؛ ترتبط استدامتها ارتباطاً وثيقاً بالموقع الجغرافيّ للمكان، وتتميز بأنها مصدرٌ طاقيُ نظيف خالي الانبعاثات لأي نوع من الغازات الدفيئة عند التشغيل.

بعبارةٍ أخرى، تمتلك الرياح طاقة خضراء نظيفة وصديقة للبيئة.

اقرأ أيضاً طاقة الرياح في الأردن والعالم العربي (2022)

هل طاقة الرياح طاقة متجددة نظيفة؟

آلية عمل طاقة الرياح

يعدّ فهم الطريقة التي تتشكل فيها الرياح بدايةَ مفيدةَ لفهم آلية العمل المتبعة، حيث تتشكل الرياح من تسخين الشمس للأرض بدرجاتٍ متفاوتةٍ تبعاَ للمواقع الجغرافية، ما يسبب تسخين الهواء الملامس لسطح هذه المناطق، فيرتفع الهواء الساخن إلى طبقات الجو العليا، مشكلاً تياراتٍ هوائيةً باردةً لسد الفراغات الناتجة عن صعود الهواء الحار  ونشوء الرياح.

تعتمد فكرة الطاقة الريحية على الاستفادة من هذه التيارات الهوائية، وتحويلها -بالاعتماد على توربينات- من شكلها الحركيّ إلى طاقة ميكانيكية يجرى تحويلها فيما بعد إلى طاقة كهربائية.

(تحوّيل الطاقة الحركية الى طاقة كهربائية) مبدأ عمل التوربينات

توربينات الرياح

 هي أجهزة تُحوِّل طاقة الرياح الحركية الى طاقة كهربائية متجددة صالحة للاستخدام، ترسلها عبر الشبكة الكهربائية. تُقسم التوربينات الريحيّة  إلى نوعين أساسيين  لا فرق بينهما إلا من حيث التصميم.

● توربينات ذات محور أفقي

توربينات ذات محور أفقي

● توربينات ذات محور عمودي

يصل ارتفاع التوربينات عن سطح الأرض لنحو 110م، للاستفادة من سرعة الرياح التي تزداد بازدياد الارتفاع، وتتألف من من زعنفتين أو ثلاث زعانف.

توربينات ذات محور عمودي

آلية عمل التوربينات

تتحرك شفرات التوربينات عند اصطدام الرياح بها، ومع بدء دوران الشفرات يدور المحرك المتصل بها، محوّلاً طاقة الريح الحركية إلى طاقة كهربائية بكميةٍ متناسبةٍ مع سرعة الرياح وقوتها التي تُقاس بوساطة أجهزة خاصة في نظام التوربين. من أجل الاستفادة القصوى من الرياح، تُزوَّد التوربينات بمحركاتٍ كهربائيةٍ تُحرِّك الشفرات، مع وجود نظام فرملة للتحكُّم بحركة الشفرات في حال اشتداد الرياح بشكل كبير وحتى إيقافها في حال العواصف.

تاريخ استخدام طاقة الريح

لا تعدّ الاستفادة من  الرياح أمراً حديثاً، إذ تعود بدايات استغلالها الى 3000 ق.م، حيث استخدمتها الحضارة المصرية القديمة في تسيير المراكب الشراعية، والحضارة البابلية في طواحين الهواء. وبحلول عام 200 ق.م، عرف الصينيون مضخات مياهٍ تعمل بطاقة الرياح، ووصلت أوروبا في القرن الثاني عشر في طواحين الهواء ذات المحور الأفقي.

بدأ التحوّل الكبير في أواخر القرن التاسع عشر عبر تحويل الطاقة الريحية الى كهرباء قابلة النقل، عندما أنشئ جيمس بليت من معهد أندرسون عام1887م أول طاحونة هواء بشفرات قماشية  لإنتاج الكهرباء في إسكتلندا ، ثم أنشأ تشارلز براش في كليفلاند بأوهايو طاحونة كهربائية أكبر استُخدمت حتى عام 1900م.

مع بداية الحرب العالمية الثانية، توقف الاهتمام بطاقة الرياح ليعود عام 1940م، ثم بدأ ازدهار هذه الصناعة في عام 1970م؛ نتيجة زيادة أسعار النفط الذي أدى إلى التفكير بتطوير تقنيات وأنظمة صناعة طاقة الرياح وظهور مصطلح مزارع الرياح عام 1980م.

اقرأ أيضاً تأثير الطاقات المتجددة على كفاءة الطاقة

تطبيقات طاقة الرياح الكهربائية وغير الكهربائية

تتمثل أهم استخدامات طاقة الريح في الاستخدامات التالية:

●   توليد الطاقة الكهربائية والاستفادة منها في الصناعة، بهدف التقليل من استخدام الوقود التقليدي.

●  الاستفادة منها في النقل بتوظيفها دفع السفن والقوارب الشراعية.

●   ضخّ المياه باعتماد تقنية طواحين الرياح لأغراض الريّ والشرب.

●    التطبيقات الصناعية: يتم استخدام الطاقة الريحيّة في مجموعة تطبيقات كالاتصالات السلكية واللاسلكية، والرادارات، وعمليات الملاحة البحرية، ومحطات الطقس.

أهمية طاقة الرياح في العالم العربي والأردن

 تمتاز الرياح كمصدر طاقة متجدد سريع النمو بأهمية عالمية وعربية؛ نتيجة تكاليفها الرخيصة وكونها صديقة للبيئة ومصدر طبيعي.

ويعدّ الوطن العربي منطقةَ مثاليةَ لتوليد طاقة الريح ، لما يتميز به من موقع، ومناخ، ومساحات كبيرة تسمح بإنشاء محطات ريحية بسرعة تتجاوز 7 م/ثا، ولا سيما في سواحل المحيط الأطلسي والبحر الأحمر وخليج السويس المصري والصحراء الكبرى  للمغرب ومنطقة صلالة في سلطنة عمان.

   طاقة الرياح في العالم العربي

في تقرير المجلس الدولي لطاقة الريح لعام 2022م، تصدرّت كل من مصر والجزائر وسلطنة عمان والمغرب القائمة من حيث امتلاكها إمكانيات ريحية هائلة، تمكّنها من تحقيق طفرة في مجال توليد الكهرباء من الرياح.

● مصر

حلّت مصر المرتبة الأولى بما تمتلكه من إمكانات ريحيّة كبيرة، ويزداد توجُّه الكهرباء المصرية الى مصادر الطاقة المتجددة، لاسيما الرياح رغم اعتمادها على الوقود التقليدي بشكل أساسي، وتتركز أفضل المناطق الغنية بهذه الطاقة في خليج السويس ذي الرياح شديدة السرعة.

● سلطنة عمان

تمتلك السلطنة تقنيات وإمكانيات لا يُستهان بها، ولكنها ما تزال أمام تحديات في هذا المجال تتمثل في ارتفاع تكاليف رأس المال، وعدم توافر التقنيات المتقدمة لقياس سرعة الرياح.       

● الجزائر

يشكل اعتماد الاقتصاد الجزائري على الوقود الأحفوري بشكل كبير تحدياً أمام انتشار الاستثمار في طاقة الرياح على الرغم من غناها بالرياح. إضافة إلى ذلك، يفرض عدم امتلاك الدولة لخرائط دقيقة لموارد الرياح تكلفة باهظة للبلاد بخطواتها الأولى نحو إنشاء محطات طاقة الرياح.

طاقة الريح في الأردن

حسب التقرير السنوي للمجلس العالمي للطاقة الريحية GWEC، جاء الأردن ثالثاً في إنتاج طاقة الريح خلال عام 2019م، بإنتاج بلغ 190 ميجاوات، وتشكل برامج الطاقة المتجددة خياراً مناسباً للمملكة؛ لافتقارها الموارد الهيدروكربونية إضافة لشحّ المياه مع توافر الرياح والطاقة الشمسية.

بدأ استثمار الأردن في طاقة الرياح كمصدر متجدد لإنتاج الكهرباء منذ عام 2015م، بافتتاح أول مشروع في منطقة  الطفيلة بطاقة 117 ميغاواط؛  لغناها بالرياح وتميزها عن باقي مناطق الأردن من حيث سرعة الرياح واتجاهها.

مشاريع طاقة الرياح في الأردن

مع دخول الأردن عام 2016م، نفذ الأردن أربع محطات ريحية وهي حسب الجدول:

مشاريع طاقة الرياح في الأردن

إيجابيات وسلبيات طاقة الرياح

لا  يخلو أي مصدر طاقيّ من سلبيات وإيجابيات، وبالنسبة لطاقة الرياح فإيجابياتها تفوق سلبياتها:

إيجابيات طاقة الرياح

●   وقود مجاني: توفر طاقة  الرياح الكهرباء  بشكل مجاني.

●   الحفاظ على البيئة كونها تخفّض من انبعاث غازات الدفيئة خاصة غاز ثاني أوكسيد الكربون، إضافة لخلوها من أي ملوثات تؤثر على كل من التربة والمياه.

●   خلق فرص عمل: توفر صناعة طاقة الرياح فرص عمل جديدة ذات صلة بعمليات التصنيع والتركيب والصيانة، إضافة إلى وظائف تقنية واستشارية.

●    عدم تأثُّر بالتقلُّبات التي تطال أسعار الوقود الأحفوريّ.

●    تنشيط الاقتصاد الريفيّ.

●  منخفضة التكلفة.

●   قابلة للتجديد باعتبار أنها غير نافذة.

سلبيات طاقة الرياح

●   مصدر متغيِّر للطاقة: مع أن الرياح متجددة الا أنها ليست دائمة، ما يسبب في بعض الأحيان نقص في تلبية الاحتياج من الطاقة.

●   التأثير البيولوجي: قد تتسبب طاقة الرياح في حدوث خلل في الحياة البرية ولا سيما الطيور.

●   التلوث الضوضائي: تُنتج التوربينات ضوضاء لدرجة لا يمكن التغاضي عنها.

●  النقل: طاقة الرياح غير قادرة على تزويد قطاع النقل بالطاقة اللازمة، ممّا يجعل اعتماده على المنتجات النفطية أمراً لا مفرّ منه.

●  الموقع: يتطلب إقامة التوربينات ومزارع طاقة الرياح اختيار مواقع مناسبة ذات مساحات كبيرة.

أهم الكتب في مجال طاقة الرياح

تعددت الكتب التي تناولت طاقة الريح بهدف خلق المزيد من المعرفة اتجاه هذه الطاقة:

●  كتاب توليد الطاقة من الرياح

يتناول الكتاب تأليف نيكي ووكر وترجمة عمر سعيد الأيوبي عدة محاور أساسية غنية بمعلومات فرعية، أهم هذه المحاور:

1. الطاقة في حياتنا

2. مشكلات الطاقة

3. كيف تعمل توربينات الرياح؟

4. تاريخ طاقة الرياح

5. الأضرار البيئية

6. عيوب طاقة الرياح

●  كتاب  رياح التغيير في أنظمة الطاقة العالمية والعربية- الكهرباء من الرياح

يتحدث مؤلف الكتاب المهندس ماجد كرم الدين محمود كبير الخبراء الفنيين في المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة عن كيفية الاستفادة من الطاقة الرياح؛ لإنتاج الكهرباء مدعومة بحقائق ومعلومات نظرية وعملية حول طاقة الرياح.

●  كتاب الطاقة المتجددة من الريح المولدة بالسرعة

يضيء الكتاب للمؤلف عبد الله بوفيم على محاولات التعتيم على استثمار الرياح في توليد الكهرباء من قبل مستحوذي الطاقات الأحفورية. حيث يتجاهل العلماء إمكانية استغلال الريح المولدة بسرعة السيارات لتوليد الكهرباء التي تشحن البطاريات المشغلة لها، وضمان الكهرباء لكل دول العالم من خلال استغلال الرياح التي تولدها سرعة قطارات تكون مخصصة لإنتاج الكهرباء.

ختاماً، إن القدر الهائل من إمكانيات الرياح في العالم العربي والمعرفة الفعلية بأهميتها الحالية والمستقبلية والعمل جدياً على استغلال هذا المصدر الطاقي اللانهائي، سيضمن للمنطقة استثماراتٍ غنيةٍ في مشاريع طاقة الرياح، خصوصاً وأن المجال مفتوح أمام معظم الدول العربية في ظلّ انخفاض تكاليف وحدات الطاقة الريحية، وسهولة الحصول على معدات الإنتاج الخاصة بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *