Search
Close this search box.

تأثير الطاقات المتجددة على كفاءة الطاقة

تأثير الطاقات المتجددة على كفاءة الطاقة

نستعرض في المقال مفهوم كفاءة الطاقة بشكل مبسّط، ونضيء على الصلة بين هذا المصطلح الجديد والطاقات المتجدّدة، وهل يستحق كل هذه الأهمية التي يكتسبها حتى يلقى كل هذا الرواج في الآونة الأخيرة، إضافة إلى الخطوات المتخذة في منطقتنا العربية لتحقيقه ضمن توجهها الجديد لعالم أخضر أكثر استدامة.

تعريف كفاءة الطاقة 

بدأ تداول مصطلح كفاءة الطاقة بكثرة في الآونة الأخيرة بالتزامن مع التوجّه الواسع للدول إلى الطاقات المتجدّدة، والاستثمار فيها، على اعتبار أن كلا الأمرين متداخلان إلى درجة كبيرة.

يقصد بمصطلح كفاءة الطاقة ببساطة: تقليل الفاقد من الطاقة، من خلال تقليل الطاقة الكهربائية المستهلَكة مع الحفاظ على جودة الأداء ذاته، عبر تنفيذ مجموعة من الإجراءات والخطوات التي تفيد في خفض الاستهلاك من الطاقة، وتساعد  في تحسين كفاءة الاستخدام بما لا يؤثّر على جودة الأداء.

اقرأ أيضاُ الجدوى الاقتصادية للطاقة المتجددة 2022

أهمية تحقيق الترشيد الطاقي 

أهمية تحقيق الترشيد الطاقي

لا شك في أن الطاقات المتجدّدة تلبّي الكثير من الآمال في الحد من المشكلات على المستوى البيئيّ والطاقيّ، إلا أن كفاءة الطاقة في هذا الخصوص تكتسب أهميتها كحل فوري وأقل تكلفة، يمكّن من تقليل الاستهلاك للوقود الأحفوري، بالإضافة إلى أن فرص تحقيقه كبيرة، حيث  تتعدّد أشكال وفرص تحسين كفاءة الطاقة في قطاعات مختلفة، بدءاً من الأبنية والمواصلات والصناعات، وصولاً إلى توليد الطاقة. وتتلخص أهميته في 3 نقاط رئيسة هي:

  • تقليل انبعاثات غازات الدفيئة.
  • تقليل الطلب على استيراد الطاقة .
  • تقليل التكاليف والنفقات على المستوى الفرديّ والحكوميّ.

العلاقة بين الطاقات المتجدّدة وكفاءة الطاقة

العلاقة بين الطاقات المتجدّدة والترشيد الطاقي

تشكل الطاقة المتجدّدة وكفاءة الطاقة كياناّ متكاملاً، يعزّز كل منها الآخر؛ بمعنى أن كليهما يعملان معاً بالتوازي من أجل الوصول إلى طاقة صفرية الكربون. فسياسة الطاقة المستدامة تقوم على ركيزتين رئيستين هما: كفاءة الطاقة والطاقة المتجدّدة. ومن شأن هذا الارتباط -إن تحقق بشكل صحيح- أن يؤدي إلى تعزيز وضع الطاقات المتجدّدة، والحدّ من كثافة معدل الاستهلاك الطاقي، وتقليل تكاليف الأنظمة الطاقية.

سبُل تحقيق ترشيد استهلاك الطاقة

يعتمد تحقيق كفاءة الطاقة بالدرجة الأولى على التقنيات المتوفرة المتطوّرة بصورة مستمرّة، من حيث زيادة الكفاءة وتقليل الهدر في الطاقة. 

إضافة إلى ذلك تتحقّق الكفاءة عبر التنسيق بين ثلاثة مستويات: الأبنية والصناعة والسياسة، من خلال الاتفاق على مجموعة معايير تنظّم آلية استهلاك الطاقة. حيث إنه من الضروري العمل على تمكين الأبنية السكنيّة والتجاريّة، حتى تتوفّر فيها المرونة في الطلب على الطاقة، في ظل أداء عالٍ بكفاءة طاقية.

أما الصناعات، فالوصول إلى تحقيق الكفاءة الطاقية يعني تحسين الأجهزة المستخدمة في عمليات التصنيع، أو استبدالها بأخرى أكثر توافقاً مع تقليل الهدر الطاقي، وعلى الرغم من أهمية المستويين الأول والثاني، تبقى القوانين واللوائح في مجال كفاءة الطاقة هي الإطار العام الذي يغلّف كل الجهود المبذولة في هذا الشأن.

اقرأ أيضاً الدليل الكامل لمصادر واستخدامات الطاقة المتجددة في 2022

مشاريع كفاءة الطاقة في المنطقة العربية

مشاريع كفاءة الطاقة في المنطقة العربية

تشهد المنطقة العربية في الآونة الأخيرة تزايداً كبيراً في الحاجة إلى الطاقة؛ نتيجة التزايد السكانيّ والنمو الاقتصاديّ والصناعيّ، مع أخذ التقلبات الكبيرة في أسعار الوقود المستورد بعين الاعتبار. لذلك شرعت الدول العربية تبحث عن بدائل سريعة بنتائج فورية للحد من هذه المشكلات، بالتزامن مع مساعيها إلى التحوّل الطاقيّ، والاعتماد على الطاقات المتجدّدة بصورة كاملة.

يعدّ العمل على تحسين معدل استهلاك الطاقة أهم هذه الحلول وأكثرها جدوى، إلى حين الانتقال إلى الطاقة النظيفة. وقد تعدّدت المشاريع في المنطقة العربية التي تركز على رفع كفاءة الطاقة، والتي تبدأ بالعمل على رفع مستوى تحسينها لكلّ من القطاعين السكنيّ والخدميّ، على اعتبار  أنهما الأكثر استهلاكاً للطاقة الكهربائية التي تتجاوز نسبة 60% من الاستهلاك الطاقيّ على مستوى البلد في المنطقة العربية، مع توقّعات بازدياد نسبة الاستهلاك أيضاً على المدى المنظور، ما يتسبّب بكوارث على المستوى الاقتصاديّ والتنمويّ إن لم تؤخذ الإجراءات اللازمة للحدّ منها.

نُفِّذ مشروعان في المنطقة العربية هما:

  • مشروع “رفع كفاءة استخدام الطاقة في القطاعين السكنيّ والخدميّ في المنطقة العربية” برعاية وتمويل من الأمم المتحدة؛ بهدف مساعدة الدول الأعضاء في الإسكوا ومنها الأردن في رفع كفاءة الطاقة في هذين القطاعين.
  • والمشروع الثاني على مستوى المنطقة العربية هو مشروع ميتميد ويك meetMed Week  لكفاءة الطاقة؛ بهدف تشجيع تنفيذ إجراءات كفاءة الطاقة، وتعزيز التعاون الإقليميّ، ودعم الشراكات في مختلف القطاعات، ولاسيما في قطاعي المباني والاستهلاك المنزلي، لأن لهما الحصة الأكبر في الفاقد الطاقي.

تشترك مختلف مشاريع كفاءة الطاقة في أن الخطوة الأولى لتحقيق هذا الهدف تبدأ من العمل على القطاعين السكني والصناعي؛ مؤكدة أن عدم مراعاة كفاءة الطاقة، وعدم اتخاذ التدابير المناسبة فيهما، سيؤدي إلى تضاعف استهلاك الطاقة.

كفاءة الطاقة في الأردن

تؤكّد المملكة الأردنية الهاشمية على أن الأساس في تحقيق الكفاءة الطاقية هو التحوّل إلى الطاقة النظيفة واستثمار مصادرها من الطاقات المتجدّدة قدر الإمكان وبأسرع وقت. لذلك بدأت تشجّع على عقد مؤتمرات او اتخاذ خطوات فعليّة من جانب جهات ومنظمات دوليّة في هذا الشأن على أراضيها، وكان منها المؤتمر الأول لحوار الطاقة المستقبلية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا MEFED الذي عقد في الأردن هذا العام، في مبادرة بين وزارة الطاقة الأردنية والوزارة الاتحادية الألمانية؛ بهدف تعزيز العلاقات في مجال الطاقة، والتركيز على كل ما يتعلق بها من الفرص والتحديات وكفاءة الطاقة والتمويل والتقنيات المتوفرة.

وفي هذا الشأن أيضاً، كان لمنظمة الفاو دورٌ بارزٌ في الأردن، من خلال افتتاح نظام جديد للطاقة الشمسيّة في فرعها في الأردن، من ضمن جهود الحكومة الأردنية في التوجّه إلى الطاقات المتجدّدة؛ بهدف خفض تكاليف الطاقة، وتعزيز التنمية المستدامة، وتحقيق الأمان الطاقي عبر تركيب نظام طاقة شمسية كهروضوئية مرتبط بالشبكة بقدرة 13 كيلو واط، مع توفير ما يقارب 11 طناً من انبعاثات الكربون كلّ عام.

كل ذلك دون أن تغفل الجانب الأكاديميّ، حيث إنّها أسّست أكاديمية الطاقة الألمانية في الأردن، في خطوة منها لتقديم المعرفة النظرية والمهارات العملية اللازمة لتأهيل الكوادر الأكاديمية والفنية في مجال الطاقات المتجدّدة في الأردن.

اقرأ أيضاً التحديات أمام مصادر الطاقات المتجددة في الأردن 2022

ترشيد استهلاك الطاقة باستخدام الوقود الأحفوري النظيف

إلى أن تتمّ عملية الانتقال إلى الطاقات المتجدّدة، تحتلّ مصادر الوقود الأحفوري النظيف أو الوقود منخفض الكربون الهيدروجين النظيف والغاز الطبيعي والطاقة النووية محلّ الصدارة، وتنال الاهتمام الواسع، ويُنظر إليها كجسر عبور بين المرحلتين. ففي الوقت الذي تقلّ فيه الانبعاثات الكربونية، تساهم هذه الخطوة في رفع معدل ترشيد استهلاك الطاقة، من حيث إنها تقلل من معدل واردات الطاقة على مستوى البلد، و تساعد أيضاً على تخفيض فواتير الطاقة على المستوى الفردي والمؤسساتي، مع الحصول على المستوى ذاته في الأداء. 

ختاماً، لا مفرّ من اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للتقليل من الهدر الحاصل في استهلاك الطاقة، من خلال إصدار اللوائح التنظيمية والقوانين الخاصة بكيفية ترشيد استهلاك الطاقة في مختلف جوانب الحياة؛ بالتزامن مع المشاريع والخطوات العملية في الاستثمار في الطاقات المتجدّدة. ماذا تعرف عن كفاءة الطاقة؟ وهل تجده حلاً فاعلاً في مواجهة المشكلات ؟