Search
Close this search box.

صُنِّفت الطاقة النووية كواحدة من مصادر الطاقات المتجدّدة التي تساعد في حل المشكلات المناخية، على الرغم من بعض تأثيراتها السلبية.

 في هذا المقال، نلقي الضوء على الطاقة النووية وأهميتها، ونركّز على كيفية توليد الكهرباء النووية قليلة الانبعاثات الكربونيّة، ثم استخداماتها الرئيسة، وأخيراً دورها في منطقتنا العربية، والأردن على وجه الخصوص.

نظرة تعريفية عن الطاقة النووية

توصف الطاقة النووية بأنها طاقة ناتجة من صورتين رئيستين لتفاعلات نووية تتمثل في: الانشطار بانقسام نواة الذرة إلى عدة أجزاء، أو الاندماج باتحاد عدد من النوى معاً.

مع العلم أن الشكل الرئيسي المتَّبع في محطات الطاقة النووية المنتشرة حالياً تعتمد تقنية الانشطار بشكل رئيسي، إذ تتولد عن عملية الانشطار طاقة على إشعاع وحرارة تستخدم في توليد الكهرباء داخل محطات الطاقة النووية.

أهمية الطاقة النووية

يشهد مستوى الاستهلاك الطاقيّ نمواً متسارعاً، مع توقّعات بتوفّر طيف واسع من مصادر الطاقة الصديقة للبيئة وبأسعار معقولة بحلول عام 2030.

إذ تعدّ الطاقة النووية واحدة من أحدث قطاعات الاقتصاد العالمي وأسرعها نمواً، يشهد تزايداً ملحوظاً في عدد الدول المهتمة به في ضوء مجموعة فوائد رئيسة للطاقة النووية تتلخص في النقاط التالية:

إنتاج كمية كبيرة من الطاقة

ينتج عن احتراق 1 كغ من اليورانيوم المخصّب احتراقاً كاملاً طاقة تعادل الطاقة الناتجة عن  حرق 60 طناً من النفط.

قابلية إعادة الاستخدام

بخلاف الوقود الأحفوريّ، لا يحترق مادة اليورانيوم المستخدمة في عملية الانشطار احتراقاً كاملاً، وتتصف بقابلية الاستخدام مرة ثانية.

الحد من غازات الدفيئة

تساهم الطاقة النووية في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري من خلال تقليل نسبة انبعاثات الغازات الدفيئة. تساهم محطات الطاقة النووية في أوروبا كل عام -على سبيل المثال- في تجنب انبعاث 700 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.

خلق فرص عمل

يحقق بناء محطات الطاقة النووية نمواً اقتصادياً بسبب خلق فرص عمل جديدة في محطات الطاقة النووية وجميع القطاعات الأخرى ذات الصلة.

توليد الكهرباء من الطاقة النووية

الطاقة النووية هي واحدة من أكثر الطرق الصديقة للبيئة لإنتاج الكهرباء؛ إذ إن المحطات النووية لا تعتمد على الوقود الأحفوري، وبالتالي لا تنتج انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

تولّد محطات الطاقة النووية الكهرباء بالطريقة ذاتها لمحطات الطاقة التقليدية مع خلاف واحد بمادة الوقود المستخدم في عملية الاحتراق والمتمثل باليورانيوم الذي يشغل المفاعلات النووية. في أثناء التفاعل، لا تحتاج الذرات الدقيقة لقوة كبيرة للربط بينها، لذلك يتم إطلاق الطاقة الإضافية كحرارة وإشعاع. تستخدم الحرارة الناتجة عن الانشطار في تحويل الماء إلى بخار يستخدم في تشغيل توربينات،  تدفع المولدات الكهربائية لتوليد الكهرباء.

استخدامات الطاقة النووية

مع التوجه الكبير للطاقات المتجددة، تحتلّ الطاقة النووية أهمية كبيرة باعتبار أنها ثاني أكبر مصدر في العالم للطاقة منخفضة الكربون بعد الطاقة الكهرومائية بحسب وكالة الطاقة الدولية (IEA).

مع هذا الامتياز الهام، تتعدّد استخداماتها إضافة إلى توليد الكهرباء، ونستعرض أهم هذه الاستخدامات في النقاط التالية:

تحلية مياه البحر

تساعد تحلية مياه البحر في تلبية الحاجة المتزايدة لمياه الشرب، والحدّ من مشكلة قلة المياه في العديد من المناطق. تتطلب محطات تحلية المياه طاقة على شكل حرارة للتقطير أو طاقة كهربائية/ميكانيكية؛ لدفع المضخات لضغط مياه البحر عبر الأغشية لفصل الملح عن المياه المالحة.  تمتاز التحلية النووية بعيداً عن استخدام الوقود الأحفوري، بديلاً منخفض الكربون يستخدم الحرارة والكهرباء من المفاعل النووي.

 إنتاج الهيدروجين

قد يحلّ الهيدروجين محل الوقود الأحفوريّ في العديد من القطاعات، بهدف الوصول إلى انبعاثات صفرية أو قريبة من الصفر في العمليات الكيميائية والصناعية وأنظمة الطاقة النظيفة والنقل.

يعاب على عملية إنتاج الهيدروجين الحالي بأنها عملية مستهلكة للطاقة بدرجة عالية، وينتج عنها كمية كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون، بخلاف الطاقة النووية التي يمكن استخدامها بطرق مختلفة لإنتاج الهيدروجين بكفاءة وبانبعاثات قليلة أو معدومة من ثاني أكسيد الكربون.

تدفئة المناطق السكنية

تحتاج تدفئة المناطق إلى محطة طاقة مركزية توزّع الحرارة على المباني السكنية والتجارية. ولهذا الغرض، يستخدم البخار الناتج في محطة الطاقة النووية في تسخين شبكات التدفئة الرئيسة التي ترسل الحرارة إلى شبكات التدفئة الثانوية، والميزة الأهم أن عملية التدفئة من محطات الطاقة النووية تساهم  في إزالة الكربون من أنظمة التدفئة السكنية.

الدول المهتمّة بالطاقة النووية والعاملة بها

تولّد محطات الطاقة النووية حول العالم حوالي   10٪ من الإنتاج الكهربائي عالمياً، و 91٪ من إنتاج الطاقة النووية العالمي يعود إلى 15 دولة فقط، تتصدّرها الولايات المتحدة بالحصة الأكبر 31٪.

يبلغ عدد المفاعلات النووية على مستوى العالم بحدود 450 مفاعلًا، تزوّد العديد من الدول بالطاقة النووية، وعلى الرغم من اتخاذ بلدان مثل ألمانيا قراراً بالتخلص التدريجي من استخدامها، إلا أن تزايد الطلب على مصادر الطاقة النظيفة أدّى إلى التراجع عن قرارها.

يُظهر الجدول أول 15 دولة في إنتاج الطاقة النووية تساهم ب 91% من إنتاجها عالمياً، مع حجم الطاقة التي أنتجتها في عام 2020:

الطاقة النووية في الأردن

يعدّ الأردن مستورداً للقسم الأكبر من الطاقة بنسبة 95% من احتياجاته، ما يعادل خمس الناتج المحليّ الإجمالي؛ ويسعى إلى اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتحقيق استقلاله الطاقي، ورفع درجة الأمن الطاقي بغرض الوصول إلى انخفاض أسعار الكهرباء المحلية. من بين هذه الخطوات كان تشغيل وحدتي طاقة نووية بقوة 1000 ميجاوات بحلول عام 2025، مع محاولة استبدالهما بمفاعلات نووية معيارية صغيرة.

لكن بسبب فقر مصادر الطاقة، يقيم الأردن شبكة إقليمية قوية مع الدول المجاورة مثل سورية ومصر، ووضعت اللجنة الأردنية للاستراتيجية النووية التي تأسست في عام 2007 برنامجاً للطاقة النووية لتوفير 30٪ من الكهرباء بحلول عام 2030، وعدلت الحكومة الأردنية القانون النووي في عام 2007 لإنشاء لجنة جوردون للطاقة الذرية (JAEC) ولجنة التنظيم النووي الأردنية (JNRC).

يهتمّ الأردن اهتماماً جدياً بالطاقة النووية، ويستثمر في استكشاف اليورانيوم واستخراجه من الفوسفات، ووقع عدداً من اتفاقات التعاون النووية مع سعي المفوضية في تحويل الأردن من مستورد للطاقة إلى مصدِّرٍ للكهرباء بحلول عام 2030، بهدف توفير الطاقة لتلبية الاحتياج من الطاقة بسعر منخفض، وإنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري عن طريق استغلال مصادر اليورانيوم المحلية، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتوفير تحلية المياه وإنتاج الهيدروجين.

مستقبل الطاقة النووية في المنطقة العربية

تشهد الطاقة النووية إقبالاً كبيراً بين عدد من الدول العربية، منها الإمارات العربية المتحدة التي انضمت إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بهدف الاستثمار في الطاقة النووية لأغراض توليد الطاقة والاستخدامات المجتمعية الأخرى، وتحوّلت المملكة العربية السعودية إلى استخدام الطاقة النووية في تحلية مياه البحر بعد أن كان اعتمادها الرئيس على الكهرباء المولدة بالوقود الأحفوري. في السياق ذاته، تمتلك مصر مفاعلين لإجراء أبحاث تتعلق بمجالات طبية وصناعية وزراعية، إذ تستورد اليورانيوم منخفض التخصيب (LEU) لإنتاج وقود هذه المفاعلات،

من المتوقّع أن تزداد قدرة الطاقة النووية في المنطقة العربية في السنوات القليلة المقبلة مع سعي الدول العربية إلى تعزيز أمنها الطاقي، وتقليل الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري حيث استحوذت على 97٪ من إنتاج الكهرباء في الشرق الأوسط في عام 2019، تصدرها الغاز الطبيعي 66٪، ثم النفط بنسبة 31٪، لتأتي نسبة 3٪ المتبقية من توليد الكهرباء في دول الشرق الأوسط من الطاقة النووية والطاقة الكهرومائية ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى.

تعتمد البلدان العربية على الطاقة النووية بصورة رئيسة من أجل تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء الناجم عن النمو السكاني والاقتصادي والذي يشهد ارتفاعاً بنسبة 30% بحلول عام 2028 حسب وكالة الطاقة الدولية.

ختاماً، يعدّ الاستثمار في الطاقة النووية خياراً مجدياً على صعيد التحول الطاقي والانتقال إلى الطاقة الخضراء إن أحسنت الدول الاستفادة منها بالشكل الأمثل، والتحديات الكبيرة من شأنها أن تزيد من أهمية هذا المصدر مع الوقت، إلى جانب المصادر النظيفة الأخرى على الرغم من بعض المحاولات إلى الحد من استخداماتها. شاركنا في التعليقات رأيك في أهمية الطاقة النووية في حل المشكلات البيئية والمجتمعية، أم تجد من الأفضل تحييدها والاقتصار على مصادر الطاقات المتجدّدة الأخرى؟

المصادر

Which country is currently producing the most nuclear power?

Nuclear fuels the future

What is nuclear energy?

Nuclear Power in Jordan

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *