Search
Close this search box.

الطاقة المائية في الأردن والوطن العربي – المشاكل والآمال

استثمر البشرُ  طاقة التيارات المائية لعقودٍ طويلةٍ، مستخدمين عجلات الماء التي تُدار بالمياه  في طحن الحبوب وغسل الملابس، ثمّ أصبحت الطاقة المائية أحد مصادر الطاقة الكهربائية في أواخر القرن التاسع عشر مع اختراع أوّل توربينٍ مائيٍّ حديث.

في الوقت الحاضر، تُستخدم الطاقة المائية في توليد كهرباءٍ نظيفةٍ وبتكلفةٍ معقولةٍ تلبي جميع أشكال الاحتياجات الطاقية من الكهرباء، وتقدّم حلاً فعّالاً للعديد من التحديات التي تواجه الدول وسكّانها على حدٍ سواء.

ولمّا كان التوجه  إلى الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة شديداً، فقد ظهرت الحاجة إلى القراءة والاطلاع عن هذه المصادر، ستتعرف في هذا المقال إلى طاقة المياه وتأثيراتها السلبية والإيجابية، وما الطريقة التي تعمل بها. وستقرأ أيضاً مكوّنات محطات الطاقة المائية، وفي النهاية تجد كتباً تناولت هذه الطاقة بالتفصيل؛ للتوسُّع والاستزادة أكثر في هذا الموضوع.

معلومات عن الطاقة المائية

تعريف الطاقة المائية

إنّ ترجمة مصطلح الطاقة المائية إلى اللغة الإنجليزية يذهب إلى كلّ من Hydro Power & Water Energy ،ويقصد بها الطاقة التي تتولد من الماء الجاري أو الساقط، بهدف استخدامها في إنتاج الكهرباء أو في تشغيل الأجهزة.

ويمكن تعريفها أيضاً بأنها أحد أشكال الطاقة التي تستخدم ماء السدود والأنهار في توليد الكهرباء في محطات الطاقة المائية، حيث ينشأ عن المياه نوعين رئيسيين من الطاقة هما: الطاقة الحركية  والطاقة الكامنة .

هل طاقة المياه طاقة متجددة ونظيفة؟

تصنّف المياه كواحدة من أهم مصادر الطاقات المتجددة، ولكن هل الطاقة الناتجة عنها هي طاقة متجددة ونظيفة بالكامل؟ يمكن اعتبار أي مصدر طاقيّ مصدراً نظيفاً إذا لم يسبب أي تلوث للهواء، وهو ما تحققه الطاقة المائية التي لا تحتاج إلى أي عملية احتراق للوقود نتيجة اعتمادها على الماء، شريطة أن تُنفَذ مشاريعها بشكلٍ صحيحٍ، وإلا فهي لا تُعدّ مصدراً نظيفاً بالكامل، وفي المقابل التنفيذ الصحيح لمشاريعها يجعلها مصدر طاقة  نظيفاً وصديقاً للبيئة بالكامل، ويتمّ هذا الأمر بتطبيق عدة نقاط:

  • رفع الكفاءة للمشروع بما يحقق  توليد كمية طاقة أكبر من مصدر مائيّ واحد.
  • زيادة ومضاعفة قدرة السدود الموجودة.
  • إضافة توربينات للسدود غير المجهزة بمعدات توليد الطاقة المائية.

عند تطبيق هذه الحلول دون محاولة بناء سدود جديدة أكبر ستكون طاقة المياه نظيفةً، لأن هذه الحلول قليلة التكلفة من جهة، ولا تتسبب إلا بالقليل من الضرر على البيئة من جهة أخرى، ناهيك عن كونها لا تحتاج إلى عمليات بناء جديدة ضخمة تلحق الضرر بالبيئة.

هل طاقة المياه طاقة متجددة ونظيفة؟

ولعلّ أهم الأسباب التي تجعل من الطاقة المائية طاقةً غير نظيفة، هي أنّ سدود الطاقة المائية تنتج غاز الميثان  -غاز دفيء وأقوى من غاز ثاني أكسد الكربون بعشرين مرة- نتيجة تفكيك الغطاء النباتي العضوي المتدفّق إلى الماء بسبب تقلُب مستويات الماء في الخزان، فينبعث غاز الميتان من سطح الخزان، وتخرجه التوربينات تحت السد.

أما القول بأن الطاقة المائية هي طاقةٌ متجددةُ فهي بالفعل كذلك، حيث إنها تمتلك جميع مقومات الطاقة المتجددة من حيث إنها تتجدّد تلقائياً، وتمتلك سمة الاستدامة، إضافة إلى أن الطاقة الكهرومائية تعتمد بالكامل على دورة الماء التي أساسها الشمس ما يجعلها طاقةً متجددة.

كيف تعمل طاقة المياه؟

يعتمد توليد الطاقة الكهرومائية على وجود المياه بالدرجة الأولى، لذلك فمن الأفضل أن تتعرف إلى دورة حياة الماء؛ كي تفهم الطريقة التي يتمّ بها توليد الطاقة المائية.

تمرّ دورة حياة الماء في ثلاث مراحل أساسية:

  • تُسخِّن الطاقة الشمسية الماء الموجود على سطح الأنهار والبحيرات والمحيطات وصولاً إلى مرحلة التبخّر.
  • يتكاثف البخار مشكلاً السحب والغيوم التي تعود إلى الأرض على شكل أمطار وثلوج.
  • تتجمع الهطولات في الأنهار والجداول التي تنتهي في البحيرات والبحار والمحيطات، لتبدأ دورة جديدة

تستحوذ محطات الطاقة الكهرومائية على طاقة الماء المتساقط لتوليد الكهرباء، بالإضافة إلى مياه الأنهار الجارية، حيث يحول التوربين الطاقة الحركية للماء الجاري إلى طاقةٍ ميكانيكيةٍ، ثم يحوّلها المولِّد إلى طاقةٍ كهربائيةٍ.

تمرّ دورة حياة الماء في ثلاث مراحل أساسية:

السدود أو محطات الطاقة الكهرومائية

تتألف محطات الطاقة المائية من أربعة مكونات رئيسية:

  • السدّ:  وتتمثل وظيفته في رفع منسوب مياه النهر لتشكيل المياه المتساقطة، ثم التحكُّم في تدفُّق المياه، ويكون الماء المحجوز خلف السدّ هو الخزان الذي يشكّل الطاقة المخزنة أو بالأحرى الكامنة للمياه.
  • التوربين: تؤدي قوة سقوط الماء إلى تشغيل التوربين المائي الذي يحول الطاقة الحركية للماء الساقط إلى طاقة ميكانيكية.
  • المولد الكهربائي يوصل التوربين بمولدٍ كهربائيٍ بواسطة أعمدة، تحوّل دوران التوربين إلى دوران المولد الذي يحول الطاقة الميكانيكية إلى كهربائية.
  • خطوط النقل تَنقل الكهرباء المتولِّدة من المحطة إلى المنازل والمباني.

وتعتمد كمية الكهرباء التي تنتجها المحطة على:

  • مدى سقوط الماء.
  •  كمية الماء المتساقط.
  • حجم وقدرة التوربين.

فكلما كان مدى سقوط الماء أعلى زادت قوتها؛ ويعتمد ذلك على حجم السد، فكلما ارتفع السد زاد مدى السقوط، وزادت قوة الماء،  وكلما زادت كمية المياه الساقطة من التوربينات  ارتفعت كمية الطاقة المتولدة.

تاريخ الطاقة المائية

تعدّ الطاقة الكهرومائية واحدة من أقدم مصادر الطاقة المستخدمة لإنتاج الطاقة الميكانيكية والكهربائية، فمنذ القدم استخدم اليونانيون طاقة الماء في تشغيل النواعير (عجلات الماء) على الأنهار لطحن الحبوب، واستخدم المصريون براغي أرخميدس للريّ خلال القرن الثالث قبل الميلاد، وكانت مصانع الأخشاب والحبوب في أمريكا -على سبيل المثال- تعمل بالطاقة الكهرومائية بشكلٍ مباشرٍ قبل توفّر الطاقة التجارية والكهربائية، أما توربينات الطاقة الكهرومائية الحديثة، فظهرت في منتصف القرن الثامن عشر.

إيجابيات وسلبيات الطاقة المائية

إيجابيات الطاقة المائية:

  • مصدر طاقة متجدد وخالٍ من الانبعاثات.
  • من أكثر مصادر الطاقة المتجددة موثوقية وقابلية للتعديل؛ حيث إن المياه متوافرة طوال أيام السنة ما يسمح بإمكانية التعديل في آلية العمل بحسب الكمية المطلوب توليدها من الكهرباء؛ لتلبية الاحتياج الكهربائيّ المطلوب.
  • تحسين الوضع السياحي للبلد والمنطقة التي تتواجد فيها، من خلال إنشاء بحيرات تصبح معلماً سياحياً يجذب الزوار.
  •  طاقة محلية بمعنى أنها تتيح فرصة الاستقلال الطاقيّ، من خلال استثمار كل بلد مصادره المائية بشكلٍ مستقلٍ دون الحاجة إلى مصادر وقود دولية.
  • مُكمّلة لمصادر طاقة متجددة أخرى، فتقنيات مثل تقنية الطاقة الكهرومائية بالتخزين والضخ يمكن استخدامها؛ لتعمل في الوقت ذاته مع مصادر طاقة أخرى كالرياح والشمس، عندما يكون الطلب الطاقيّ عالياً.
إيجابيات الطاقة المائية

سلبيات الطاقة المائية:

  • تؤثر الطاقة المائية على الحياة البحرية نتيجة تحويل المياه الجارية إلى راكدة، فتمنع الأسماك والحيوانات البحرية من الهجرة.
  • تتصف بالمحدودية حيث لا يمكن إنشاؤها إلا قرب مناطق مائية.
  •  يتطلب إنشاء المحطات الكهرومائية تكلفة أولية مرتفعة عالية، وإن كانت حلاً اقتصادياً على المدى الطويل.
  • تنتج انبعاثاتٍ كربونية وغاز الميثان بسبب تحليل التوربينات للغطاء الأخضر.
  • تضع السدود تهديداً قائماً بشأن إمكانية حدوث فيضاناتٍ؛ ينتج عنها دمارٌ كبيرٌ  للمناطق المحيطة بالسدود.
سلبيات طاقة الماء

مشكلات الطاقة المائية

قد تتسبب الطاقة المائية بمشكلاتٍ على المستوى البيئي والمجتمعي، حيث إن الخزانات تتسبب بتغييرٍ جذريٍ في المناظر الطبيعية والأنهار التي تُقام عليها السدود، كما أن كل من السدود والخزانات قد يقللان من تدفُّق مجرى المياه، ومن رفع درجة حرارة الماء، والتأثير في جودته مسببةً أيضاً الكثير من الرواسب، وكل ذلك يعود بنتائج سلبية على العصافير والأسماك والحياة البرية الأخرى.

إضافةً إلى ذلك، قد يتسبب  تخزين كمياتٍ كبيرةٍ من المياه في الخزانات في جفاف بعض الأجزاء من المجرى النهري للخزان، ومن أجل ذلك يُطلب من المسؤولين عن محطات الطاقة الكهرومائية إطلاق كمياتٍ قليلةٍ من الماء في أوقات محددة من السنة،  وإلا فإنّ مستويات الماء في المجرى المائي ستقلّ حتماً، ما ينعكس سلباً على النباتات والحيوانات.

أيضاً، يكون الماء خلف السدود أكثر برودة، وأقل احتواءً على أكسجين مذاب من ماء النهر العادي، وعندما يطلق هذا الماء قد يكون له تأثيراتٌ سلبية على الحياة المائية في المجرى المائي، ومن أجل التخفيف من ذلك، يُنصح بتركيب توربينات تهوية لزيادة الأكسجين المذاب، وإطلاق ماء من جميع المستويات داخل الخزان وليس من أسفله فقط.

الطاقة المائية في الأردن والعالم العربيّ

يعد الأردن بلداً مستورداً للطاقة بسبب افتقاره إلى الموارد الطبيعية، ما يجعل أمنه الطاقيَّ مُهدَّداً، وهذا ما دفع الأردن إلى تنويع مصادره من الطاقة، والتفكير بمصادر الطاقة المتجددة كحلٍ بديلٍ، على الرغم من أن استخدامه للطاقة المتجددة ما يزال ضعيفاً، إلا أن الطاقة الكهرومائية شكلت 60.04%  من إجمالي الطاقة المتجدّدة في عام 2012.

 وإضافة إلى فقر الأردن بمصادر الماء، حيث يعدّ من أول عشرة بلدان ندرة بمصادرها في العالم، وتتفاقم هذه المشكلة مع النمو السكاني، ونضوب المياه الجوفية، والتغييرات المناخية؛ ليضع هذا العجز في القطاع المائيّ المملكةَ أمام تحدياتٍ خطيرةٍ تؤثر على القطاعات الأخرى، وعلى أمن مواطنيهم ومستقبلهم، ومن أجل ذلك تعتزم المملكة تنفيذ مشروعٍ بكلفةٍ تصل 600 مليون دينار، ما يعادل 846.27 مليون دولار أمريكي، لتوليد الطاقة الكهرومائية من السدود الموجودة في المملكة.

أمّا على مستوى الوطن العربي فتحتلّ الإمارات العربية المتحدة والسعودية والمغرب ومصر المراتب الأولى في الاستثمار بالطاقة المتجددة وبالطاقة الكهرومائية بالدرجة الأولى.

مشاريع طاقة المياه في الأردن والوطن العربي

أشهر مشاريع الطاقة الكهرومائية في الأردن:

  • محطة تنقية الخربة السمرا التي تعالج ما يزيد عن 70% من مياه الصرف الصحي في المملكة، حيث يتم الاستفادة من كامل المياه المعالجة في عمليات الزراعة، وتحتاج المحطة إلى 90 جيجاوات  في الساعة سنوياً لتشغيلها؛ حيث يبلغ إجمالي إنتاج الطاقة الكهرومائية المتولدة عنها 23 جيجاوات في الساعة سنوياً.
  • مشروع توليد الطاقة الكهرومائية في سد الملك طلال، حيث يتم الاستفادة من فرق المنسوب بين بوابة السد ومخرجه البالغ 280 متراً لتوليد 100 جيجا وات في الساعة سنوياً.

أشهر مشاريع الطاقة الكهرومائية في الوطن العربي:

  • مشروع السد العالي في مصر: من أكبر مشاريع الطاقة المائية لتوليد الكهرباء المشيدة على نهر النيل، وهو مشروع تخزيني مستمر لتخزين الماء في السنوات الغزيرة الماء، لاستخدامها في السنوات قليلة الماء. يبلغ طول السد  3830 متراً، وارتفاعه 111 متراً، وعرضه عند القمة 40 متراً، وتبلغ مساحة البحيرة الاصطناعية المتشكلة وراء السد 7500 متر مربع، بسعة تخزينية عند أقصى منسوب للمياه المحجوزة 169 مليار متر مكعب.

توجد المحطة الكهربائية على الضفة الشرقية من نهر النيل  بطاقة إنتاجية للكهرباء تصل 10 مليار كيلو وات ساعة سنوياً.

مشروع السد  العالي في مصر
  • سد الفرات في سورية: يعد ثاني أكبر السدود المائية في الوطن العربي، ويُشكّل الركيزة الأساسية في توليد الكهرباء لمساحات واسعة من سورية، وحجر الأساس في العديد من المشاريع الزراعية. أُنشئ السد على نهر الفرات السوري في مدينة الطبقة التي تبعد عن محافظة الرقة 40 كيلو متر اً، بطول 4500 متر، وعرض 19 متر اً عند القمة، وارتفاع 60 متر.

يشكّل سد الفرات بحيرة تخزينية تُعرف ببحيرة الأسد، بسعة تخزينية 14.1 مليار متر مكعب من المياه العذبة، وبدأ التخزين فيها في عام 1973 مع تحويل مجرى النهر إليها؛ من أجل تشكيل الضاغط المائي اللازم لتشغيل مجموعات التوليد الثماني  في المحطات الكهرومائية، بمنسوب أعظمي 94 متراً، وبمنسوب أدنى 92 متراً.

تبلغ الطاقة الكهربائية التي ينتجها سد الفرات 880 ميجاوات ساعي عبر مجموعاته الثماني، باستطاعة 110 ميجاوات للمجموعة الواحدة.

كان الهدف من تأسيسه تأمين الري لمساحات شاسعة من الأراضي، والحماية من الفيضانات، حيث كان عدد السكان قبل بناء السد لا يزيد عن 174 نسمة، ليتجاوز بعد بناء السد 140 ألف نسمة.

  • سد بني هارون: يعد أكبر سد مائي، وأضخم مشروع لتوليد الطاقة الكهربائية في الجزائر. يبلغ طول السد 710 أمتار، وعمق 118 متراً، وسعة تخزينية 960 مليون متر مكعب من الماء سنوياً، ويُستخدم لأغراض الري وتوفير مياه الشرب.

مراجع عن الطاقة المائية pdf

يتناول البحث في صفحاته التسع عشرة مفهوم الطاقة المائية كواحدة من أهم أشكال الطاقة المتجددة، مع إلقاء الضوء على تاريخ استخدامها، وإيجابياتها وسلبياتها، إضافة إلى آلية العمل.

يناقش الكاتب كمال محمد في بحثه لنيل درجة الماجستير الطاقة المائية في عدة محاور تتألف من:

  1. نظرة عامة حول الطاقة المائية.
  2. التوزيع الوطني والعالمي لموارد الطاقة المائية وأهميتها الاقتصادية.
  3. دور الطاقة المائية في التنمية المستدامة والآفاق المستقبلية.
  4. بحث بعنوانمحطات التوليد المائية

ينشر موقع المهندس كوم / كلية الهندسة بحثاً صغيراً حول محطات التوليد المائية، متضمناً تعريفاً بها، مع الإشارة إلى مكوناتها وأنواعها.

ختاماً، إنّ الاستثمار في الطاقة  المائية أمرٌ يستحق المحاولة، والعمل جدياً في هذا الاتجاه، حيث إنه يساعد الدول على تحقيق الاستقلال الطاقيّ بصورة كاملة، بمعنى أن كل بلد بإمكانه أن يستثمر في مصادره المائية الخاصة، ويحصل على حاجته من الطاقة.