Search
Close this search box.

مشاريع الطاقة المتجددة في الأردن: التمويل والتحديات

تمويل مشاريع الطاقة المتجددة في الأردن


تحرص الدول العربية ولا سيما الدول التي لديها أسواق رأس مال متطوّرة على حل أزمة الطاقة بالاستثمار فينالمشاريع المستدامة من خلال تعزيز تمويل مشاريع الطاقة المتجدّدة. إذ تُعدّ الطاقة الركيزة الأساسية لدعم النمو الاقتصادي والاجتماعي في دول المنطقة العربية، وتلبية الطلب المتزايد عليها.

نناقش في هذا المقال الجانب المتعلق بتمويل مشاريع الطاقة المتجدّدة في المنطقة العربية، بدءاً من التعريف بمفهوم تمويل المشاريع، وأنواع التمويل المتاحة، والتحديات التي تواجه منطقتنا العربية في تمويل مشاريعها المستدامة، مسلطين الضوء على حصة قطاع الطاقة في الاقتصاد الأردني، وكيفية تمويله لمشروعاته، والدور الفعليّ الذي يلعبه برنامج الاتحاد الأوروبي لدعم هذا القطاع.

 تعريف مفهوم تمويل المشاريع

يُعرَّف تمويل المشاريع بأنه استراتيجية مُتبعة لتمويل المشاريع الكبيرة من خلال الحصول على تمويل طويل الأجل، مقابل دفع مبالغ مالية محدودة ومتناسبة مع التدفق النقدي للمشروع، مع الاحتفاظ بأصول المشروع وحقوقه وفوائده كضمان ثانوي.

تعريف مفهوم تمويل المشاريع

أنواع تمويل مشاريع الطاقات المتجددة

يتطلب إنشاء مشاريع الطاقة المتجدّدة وتطويرها نفقات رأسمالية كبيرة، تغطّي تكاليف التخطيط، والتصميم، وشراء المعدات وتركيبها، وصولاً إلى تدريب موظفي التشغيل وصيانة الأنظمة المثبتة.

تُقسّم مصادر تمويل مشاريع الطاقة المتجدّدة إلى ثلاثة أنواع رئيسة هي:     

1- رأس مال الأسهم

يتصف رأس مال الأسهم أنه أكثر مصدر تمويل ينطوي على المخاطر، حيث يمكن لشركات الطاقة جمع الأموال من المستثمرين مقابل الأسهم، دون السماح لهم بتوزيع أرباح الأسهم المستلمة إلا بعد الوفاء بجميع الالتزامات المالية والضريبية.

2- الإقراض الاستثماري

 يتمثل الإقراض الاستثماري بالحصول على قرض، أو إصدار سندات لزيادة رأس المال مقابل أن تعيد الأموال والفوائد المقترضة. تُصدر قروض الاستثمار مع حق الرجوع إلى المقترض بمعنى أن أصول شركة الطاقة تُعدّ ضماناً، مع احتمالية أن يمتلكها للبنك في حال انتهاك شروط الاتفاقية.

3- المنح الحكومية

تأتي المنح الحكومية على شكل قروض ميسرة أو تخفيضات ضريبة تقدمها الحكومات والمنظمات الدولية لتعزيز مشاريع التنمية البيئية والاقتصادية، وتكون الأموال المخصصة -غالباً- مرتبطة بمتطلبات محدّدة، وظروف الاستخدام، والقيود الزمنية للمشروع.

خيارات إضافية لتمويل مشاريع الطاقة المتجدّدة

لا يقتصر تمويل المشاريع المستدامة على المصادر السابقة، إذ يمكنك اللجوء إلى مصادر تمويلية أخرى أهمها:

1- السندات الخضراء

تقترض -الشركة، الحكومة، المؤسسة- مبلغاً مالياً كبيراً من المستثمرين لاستخدامه في المشاريع التي تركّز على الاستدامة مقابل تقديم سندات خضراء تُعرف أيضاً بـ أداة دين ذات دخل ثابت.

2- التمويل الداخلي

 يشير التمويل الداخلي إلى استخدام الموارد المالية الحالية للمؤسسة لدفع تكاليف كفاءة الطاقة، أو الطاقة المتجدّدة، أو مشاريع التوليد الأخرى بدل السعي للحصول على تمويل خارجي.

3– عقود الإيجار

 عقد الإيجار هو هيكل تمويلي بسيط يسمح للعميل باستخدام كفاءة الطاقة، أو الطاقة المتجدّدة، أوغيرها من معدات التوليد دون شرائها مباشرة.

4- القروض

 تسمح القروض للعملاء باستدانة الأموال مباشرة من البنوك، أو جهات الاقتراض الأخرى لسداد تكاليف مشاريع توليد الطاقات المتجدّدة.

5-  الطاقة النظيفة المقيمة PACE

هيكل تمويلي يقترض فيه أصحاب المباني الأموال لأغراض تتعلق بمشاريع الاستدامة، مقابل سدادهم المبالغ المستحقة عليهم من خلال تقييم فاتورة ضريبة الممتلكات الخاصة بهم.

 الطاقة النظيفة المقيمة PACE

تحديات تمويل مشاريع الطاقة المتجدّدة

تواجه مشاريع الطاقة المتجدّدة في منطقتنا العربية صعوبات في الحصول على التمويل، ونستعرض في هذه الفقرة أبرزها: 

  • الاستثمار الأولي المرتفع مقارنة مع مصادر الطاقة التقليدية
  • اعتبار مشاريع الطاقة المتجدّدة مشاريعاً ذات مخاطر عالية في الاستثمار والتشغيل.
  • التغييرات المستمرة في الإطار التنظيمي.
  • نقص الخبرة في تمويل مصادر الطاقة المتجدّدة، وضعف ثقافة التمويل المُستندة إلى الأصول.
  • قلة المستثمرين في مشاريع الطاقات المتجدّدة الكبيرة.

حجم إنفاق الأردن على قطاع الطاقة

تواجه الأردن ومستثمروها في قطاع الطاقة تحديات عدة تتصدرها مسألة التمويل، ما يجعل التواصل مع المؤسسات التمويلية لزيادة الفرص الاستثمارية في هذا القطاع ضرورة لا بدّ منها.

تحوّل الأردن إلى قطاع الطاقات المتجدّدة وحجم التحول

جعل الأردن النمو الأخضر أولوية وطنية عليا منذ عام 2017، ووضع خطة عمل لهذا النمو للفترة بين 2021- 2025 للتوسع في طموحات الأردن من خلال دمج النمو الأخضر، وتغير المناخ، وأهداف التنمية المستدامة في الأطر الاستراتيجية القطاعية.

ساهمت مصادر الطاقة المتجدّدة -وفقاً لوزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية،- بنحو 29% من إجمالي الطاقة المولدة في الأردن حتى نهاية يوليو 2022، إذ ينتج الأردن حالياً ما يقرب من 1645 ميجاوات من الطاقة الشمسية، و 625 ميجاوات من مزارع الرياح.

توضّح البيانات الحكومية أن القدرة المركَّبة لمشروعات الطاقة المتجددة وصلت في نهاية 2021 إلى 5.5 تيراواط في الساعة، موزعة بواقع 1498 ميغاواط من المشروعات التجارية ضمن اتفاقيات شراء الطاقة بنسبة 59% من إجمالي القدرة المركبة، و 1027 ميغاواط من مشروعات أنظمة الطاقة المتجدّدة المملوكة من قبل المشتركين والممثلة  بـ 41% من الإجمالي.

وتسعى الحكومة الأردنية إلى زيادة نسبة الطاقة المتجددة لتصل 50% بحلول عام 2030 من خلال تحسين كفاءة الطاقة، وتنويع الطاقة، وزيادة حصة المتجدّدة منها، في مزيج الطاقة بالكامل وتقليل انبعاثات الكربون.

تحوّل الأردن إلى قطاع الطاقات المتجدّدة

 تمويل مشاريع الطاقات المتجدّدة في الأردن

يعود التمويل الأخضر في الأردن إلى قنوات مثل: صندوق الأردن للطاقة المتجدّدة وترشيد الطاقة، والبنوك التجارية، ومؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة، إضافة إلى مؤسسات التمويل الدولي.

نناقشه بالتفصيل في هذه الفقرة

التمويل المحليّ

  • البنك المركزي الأردني: اعتمد البنك المركزي الأردني في عام 2011 برنامجاً تمويلياً بفائدة مخفضَّة؛ بهدف تنشيط ودعم الاقتصاد الأردني في ستة قطاعات رئيسة منها: مشاريع كفاءة الطاقة والطاقة المتجدّدة بحد أعلى يصل إلى 4 مليون دينار للقرض.
  • صندوق حماية البيئة: يساهم في عملية التمويل اللازم لتنفيذ مشاريع حماية البيئة، والطاقات المتجدّدة في المملكة.

التمويل الدولي

1- كابيتال بنك: يعد البنك الرائد في الأردن في إقراض الطاقة المتجدّدة والبديلة عبر تقديم حلول تمويلية لإنشاء مشاريع الطاقة المتجدّدة ودعمها، من خلال برامج تمويل البنك المركزي الأردني بسعر فائدة ثابت لمدة 10 سنوات.

موَّل البنك عدة مشاريع للطاقة النظيفة على مدى 20 عاماً، كالحقل الأردني الأول الذي يولد 10 ميغاوات من الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية، ومصنع ألواح الطاقة الشمسية الكهروضوئية الأول المُستخدم في إنتاج الطاقة لشركة كهرباء إربد، وأول محطة تخزين للطاقة الكهروضوئية باستخدام بطاريات الليثيوم بطاقة تخزينية تصل 10 ميجاوات. 

2- بنك القاهرة عمان: يقدم بنك القاهرة عمان برنامج قروض الطاقة المتجدّدة -برنامج إقراضي بالتعاون مع صندوق تشجيع الطاقة المتجدّدة وترشيد الطاقة- لمنح منتجات الطاقة المتجدّدة وترشيد الطاقة، بحيث يقدم الصندوق الدعم بحسب النظام المطلوب.

برنامج وكالة التنمية الفرنسية (AFD): قدم برنامج الوكالة تمويلاً بشروط ميسَّرة، ونسبة فائدة مدعومة بهدف دعم المشاريع الصغيرة في الأردن، من خلال توفير ما يعادل 50 مليون دولار أمريكي لإعادة إقراضها للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والصغيرة، ومنها مشاريع الطاقة المتجدّدة وترشيد استهلاك الطاقة مع تقديم  الدعم الفني اللازم للمستفدين.

اقرأ المقال قطاع الطاقات المتجددة مؤسساتياً – الأردن والمنطقة العربية

3- مؤسسة التمويل الدولية: تصدرت مشروعات الطاقة المتجدّدة أجندة استثمارات مؤسسة التمويل الدولية في الأردن ب 713 مليون دولار. وتضاعف حجم برنامج مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي في الأردن منذ عام 2010، إذ ضخت على مدى السنوات الـ 10 الماضية أكثر من 510 ملايين دولار، لتمويل العديد من المشروعات الكبرى في مقدمتها مشروعات الطاقة المتجدّدة.

 موِّلَت[1]  المؤسسة 3 مشروعات مستقلة لإنتاج الكهرباء من الرياح، و9 مشروعات للطاقة الشمسية منها محطة بينونة بتمويل وصل إلى 54 دولار أمريكي من حساب المؤسسة الخاص، و134 مليون دولار.

4- صندوق أبوظبي للتنمية: ساهم صندوق أبوظبي للتنمية في تمويل مئات المشاريع التنموية في المملكة الأردنية الهاشمية بمبلغ إجمالي وصل إلى 6.5 مليار درهم؛ مكّنت تلك المشاريع ذات البعد الاستراتيجي الحكومة الأردنية من تحقيق أولوياتها الاقتصادية والاجتماعية، ودفع عجلة التنمية المستدامة.

دور برنامج الاتحاد الاوروبي عن الطاقة المتجدّدة في الأردن

يعدّ الاتحاد الأوروبي شريكاً رئيساً للأردن في قطاع الطاقة؛ قدم دعماً جوهرياً لتعزيز مستوى استثمار المملكة لمصادرها من الطاقة المتجدّدة، وتطبيق مفهوم الترشيد في استهلاك الطاقة.

منذ بدء الاستثمار في الأردن عام 2012، قدم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أكثر من 1.9 مليار يورو بتمويل 67 مشروعاً في جميع أنحاء المملكة، من ضمنها تمويل برنامجين في قطاع الطاقة لتقديم المساعدة التقنية بتمويل 40 مليون يورو و9 مليون يورو.

أطلق البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD، والاتحاد الأوروبي EU، وصندوق المناخ الأخضر GCF برنامج تسهيلات تمويل الاقتصاد الأخضر GEFF في الأردن، في محاولة لدعم انتقال البلاد إلى اقتصاد أخضر بمبلغ يقدر ب 40 مليون دولار أمريكي؛ لتمويل المؤسسات المالية المحلية كالبنوك، ومؤسسات التمويل الأصغر، وشركات التأجير لإقراض القطاع الخاص للاستثمار في التقنيات عالية الأداء.

ختاماً، يمثل توفير التمويل خارج الميزانية العمومية للمشروع أحد أهم المزايا الأساسية للتمويل بما لا يؤثر على ائتمان المساهمين، أو السلطة الحكومية المتعاقدة، محولاً بعض مخاطر المشروع إلى المقرضين مقابل حصولهم على هامش أعلى من هامش إقراض الشركات العادي.