Search
Close this search box.
تحلية مياه البحر باستخدام الطاقات المتجددة

تتزايد أهمية التحول الطاقي إلى الطاقات المتجددة لصلتها بحل بمشكلات يومية حياتية أبرزها نقص المياه مع زيادة الطلب عليه؛ فكانت تحلية مياه البحر -المستهلكة للطاقة بدرجة كبيرة- الحل الأمثل بالاعتماد على مصادر الطاقات المتجددة؛ بهدف توفير الحاجة من المياه العذبة، والحفاظ على البيئة في آنٍ معاً بتكلفةٍ مناسبةٍ مقارنة المحطات التقليديّة التي تعمل بالطاقة الأحفوريّة.

نناقش في هذا المقال طرق تحلية مياه البحر باستخدام الطاقات المتجددة، تطبيقاتها العملية، التحدّيات والآثار البيئة لتحلية المياه بالمصادر الخضراء،

مفهوم عملية تحلية المياه

تشير عملية تحلية المياه إلى إزالة الأملاح أو غيرها من المعادن والملوّثات من مياه البحر والمياه قليلة الملوحة ومياه الصرف الصحيّ؛ بهدف الحصول على مياه عذبة صالحة للاستخدام البشريّ والمنزليّ والصناعيّ.

 وهي حلّ شائع بشكل متزايد للحصول على المياه العذبة للاستهلاك البشريّ وللاستخدام المنزليّ / الصناعيّ

عملية تحلية المياه من الاملاح بهدف الحصول على مياه عذبة

مزايا تحلية مياه البحر

يزداد انتشار هذه العملية مع ازدياد الحاجة إلى المياه، ولا سيما في المناطق التي تعاني من قلة الموارد المائية، ولا سيما مع الميزات العديدة التي تحقّقها.

مساوئ تحلية مياه البحر

لا تخلو عملية تحلية مياه البحر من بعض السلبيات على الرغم من الهدف الإنساني الأساسي لها، وإليك أهم هذه السلبيات:

دور الطاقات المتجدّدة في تحلية المياه

بهدف تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من محطات تحلية المياه الحالية، وتوسيع نطاق استخدام تقنيات تحلية المياه النظيفة، وضع التحالف العالمي لتحلية المياه النظيفة هدفاً يتمثل في تشغيل 20٪ من محطات تحلية المياه الجديدة بمصادر الطاقة المتجدّدة بين 2020-2025، مع بلوغ  الحصة الحالية من الطاقة المتجدّدة المستخدمة عالمياً في تحلية المياه حوالي 1٪.

تجاوز عدد الدول حول العالم التي تطبق تقنيات تحلية المياه 150 دولة، دون أن يتعدّى إنتاجها من مياه الشرب 1% فقط، ولكن من المتوقع أن يرتفع إنتاج مياه البحر المحلاة في الشرق الأوسط بمقدار أربعة عشر ضعفا تقريباً بحلول عام 2040 مع كون اعتبار تقنية المياه هي الحل الوحيد في سد فجوة العرض والطلب على المياه العذبة. 

طرق تحلية مياه البحر باستخدام الطاقات المتجدّدة

تُستخدم عدة مصادر طاقة متجدّدة في تشغيل محطات تحلية المياه، من طاقة شمسية إلى طاقة الرياح وطاقة الأمواج والطاقة الحرارية الأرضية، 

نضيء في هذه الفقرة عن كل واحدة منها ببعض التفصيل:

1- الطاقة الشمسية

تتفوّق الطاقة الشمسية على المصادر المتجدّدة الأخرى؛ بسبب وفرتها واستدامتها بدرجة كبيرة مقارنة بغيرها؛ فكان لها الحصة الأكبر في عمليات تحلية مياه البحر.

يشيع استخدامها في عملية التحلية بطريقتين رئيبستين: الطاقة الشمسية المركزة (CSP) والفولتية الضوئية (PV). يتولد في النوع الأول -المعروف أيضاً بالتحلية الحرارية-CSP حرارة مباشرة لتبخير الماء.أما النوع الثاني -التحلية الشمسية التناضحية العكسية- تولَّد الكهرباء عبر الألواح الشمسية لتشغيل المضخات للتناضح العكسي؛ وهذه الطريقة التي تلقى التركيز الأكبر لاستخدامها في عمليات التحلية

اقرأ أيضاً مزارع الطاقة الشمسية العائمة..أهميتها وآلية عملها

2- طاقة الرياح

تكون أنظمة تحلية المياه الريحية عبارة عن مزيج من نظام تحويل طاقة الرياح ومحطة تحلية المياه؛ تستخدم فيه توربينات الرياح المصمّمة لسرعات الرياح المنخفضة تصل إلى 3 أو 4 م/ثا؛ ما يعني ثباتاً في الإنتاج إضافة إلى إمكانية استخدامها في مختلف المناطق.

أنظمة تحلية المياه الريحية

3- طاقة الأمواج

يتركّز استخدام نظام تحلية المياه بالطاقة الموجية في المناطق الساحلية التي تشكو من قلة المياه العذبة.

ولأنّ البحار تحتوي على طاقة حركية هائلة، وتبلغ قوة الموجة التي يبلغ متوسطها 4 أقدام و 10 ثوانٍ، والتي تضرب الساحل أكثر من 35000 حصان لكل ميل من الساحل،  تحلّ المشكلة من خلال الاستفادة من طاقة البحر.

تعمل محولات طاقة الأمواج (WECs) على ضغط مياه هذه الأمواج، ثم نقلها إلى الشاطئ؛ لتشغيل نظام تحلية مياه البحر بالتناضح العكسي (RO) مباشرة، وإنتاج المياه العذبة. كما هو مبين في الصورة من منصة Aquatech

تحلية مياه البحر باستخدام طاقة الأمواج

4- الطاقة الحرارية الأرضية

تمتاز الطاقة الحرارية الأرضية بالاستقرار مقارنة بالموارد المتجدّدة الأخرى؛ فدرجة الحرارة الأرضية -بحسب كالوجيرو– تحت عمق معين تظل ثابتة نسبياً  طوال العام؛ لذلك تستخدم الآبار الحرارية الجوفية التي يزيد عمقها عن 100 متر بشكل معقول في تشغيل محطات تحلية المياه، واعتماد الطاقة الحرارية الأرضية كطاقة تيار في محطات التحلية الحرارية. 

يشتمل نظام تحلية المياه باستخدام الطاقة الحرارية الأرضية على عدد كبير من صواني التبخير المتدرّجة؛ تتدفّق المياه المالحة إلى الصينية العلوية، وتتدفق الشلالات إلى كل صينية سفلية متتالية؛ لتتدفّق من الدرج السفلي عندما تكون جميع الأدراج ممتلئة. يمرّر لوحان زجاجيان مائلان الطاقة الشمسية من خلالهما لتسخين الماء. يتجمع التكثيف على اللوحة الداخلية، ويمتد إلى أسفل اللوحة لتتجمّع في حوض عند الحافة السفلية. ثم تتدفّق المياه المحلاة إلى خزان تجميع. تتوفّر طاقة حرارية إضافية بواسطة سائل عامل (مثل الهواء)، ثم تضخ إلى مستويات تحت الأرض؛ لإنتاج حرارة جوفية كبيرة. ثم يتمّ تدوير الهواء الساخن حول صواني التبخر لتنشيط عملية التبخر. 

محطات تحلية مياه البحر باستخدام الطاقات المتجدّدة 

تسعى أغلب حكومات الدول إلى توظيف الإمكانات غير المستغلة لمصادر الطاقة المتجدّدة في إقامة مشاريع تحلية نظيفة بدءاّ من غرب أستراليا وأوروبا إلى الهند والصين، التي تتجه إلى تحويل أو تشييد محطات تحلية المياه الجديدة إلى نظام  الطاقة المتجدّدة.

محطات تحلية مياه البحر باستخدام الطاقات المتجدّدة 

من أهم المحطات:

جاردن آيلاند  في عام 2014 أول “مشروع تجاري يعمل بالطاقة الموجية في العالم لإنتاج الطاقة والمياه العذبة من أمواج المحيط”  وفقاً لتقنية المياه

محطة الخفجي السعودية لتحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية: تعدّ أول وأكبر محطة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية في العالم؛ تعتمد تقنية الأغشية النانوية الجديدة، وهي جزء من المشروع الذي أطلقته مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالتعاون مع شركة آي بي إم. تنتج المحطة  ما يقارب 60 ألف متر مكعب / يوم من المياه ما يكفي لتزويد مدينة يبلغ عدد سكانها 150 ألف نسمة. وتقلّل الطاقة الكهربائية المطلوبة بمقدار النصف والكهرباء المستهلكة عند التشغيل بنسبة 60٪.

مع الإشارة إلى أنه وفقا ل Applied Water Science، رُكّب حوالي 75٪ من مواقع التحلية الحرارية   نصفها نشط في المملكة العربية السعودية منها:

تطبيق تحلية المياه بالطاقات المتجدّدة في الأردن في حال كانت متاحة

تشير الاستراتيجية الوطنية للطاقة في الأردن  إلى بعض التحديات المتمثلة بتوريد الغاز الطبيعي والنفط والجفاف وموارد المياه العذبة التي تتعرض للإجهاد بسبب تجاوز استهلاك الأردن المياه العذبة المستويات المستدامة؛ فكان الاستثمار في الطاقات المتجددة لتحلية المياه أحد الحلول التي تتماشى مع عملية التحول الطاقي التي تسير فيها الأردن بخطىٍ ثابتة.

اقرأ أيضاً الطاقة النظيفة في الأردن والعالم العربي – تطبيقاتها ومستقبلها

مشروع تحلية المياه في مدينة العقبة

نفذ مشروع تحلية المياه في مدينة العقبة باستخدام الطاقة المتجدّدة، بواسطة نظام تحلية المياه بالتناضح العكسي (RO) ونظام طاقة شمسية مركّزة (CSP)، لإنتاج  200 مليون متر مكعب من المياه العذبة سنوياً. 

يُزوّد المشروع بالطاقة الكهربائية التي تولدها خلايا شمسية (PV) خلال ساعات الشمس، وتخزَّن تخزيناً حرارياً بالأملاح المذابة لإنتاج الكهرباء ليلاً. إضافة إلى أنها تعتمد توليد الطاقة بواسطة نظام طاقة شمسية مركّزة (CSP) يستخدم لتخزين الطاقة الحرارية. 

التحدّيات والحلول أمام تحلية مياه البحر 

ختاماً، كان الاستقرار في الموارد المائية مصدر قلق لفترة طويلة، وما زلنا بحاجة إلى بدائل مستدامة لمعالجة المياه وتحلية المياه؛ لتوفير المياه بكلفة أقلّ واستدامة أطول من خلال دمج تقنيات الطاقة المتجدّدة مع عمليات تحلية المياه. وأنت عزيزي القارئ، هل تحلية المياه عملية مطبّقة في بلدك لتغطية احتياجاته من الماء؟ وهل تراه حلاً استباقياً ناجحاً يفترض على الدول جميعها تطبيقها لمواجهة أي مشكلات مستقبلية ممكنة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *